درس العقد سنة ثانية 2 ثانوي في مادة القانون شعبة تسيير وإقتصاد
مقدمة
ذكرنا فيما سبق أن أهم مصادر الإلتزامات هو العقد و قد خصه المشرع الجزائري بسبعين (70) مادة لذلك سنحاول التعرض الى أهم العناصر في دراسة العقد إنطلاقا من التعريف. مرورا بأر كأنه التي يقوم عليها وصولا الى الأثار المترتبة عن العقد كمصدر اللإلتزام و أخيرا تتعرض الى المسؤولية المترتبة عن الإخلال به ( المسؤولية العقدية).
أولا: تعريف العقد:
العقد لغة كلمة تفيد " الربط بين أطراف الشيء و جمعها و أما بين الكلامين يراد به العقد " و العقد كمصطلح قانوني فقد عرفته المادة 54 ق م. " العقد إتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما" و هو التعريف المأخوذ عن المادة 1101 من القانون المدني الفرنسي إلا أنه سقطت منه عبارة نحو شخص و هي عبارة مهمة في تعريف العقد و عليه يكون التعريف الصحيح كالتالي:
" العقد إتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص نحو شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح أو فعل و عدم فعل شيء ما " و من خلال هذا التعريف يمكن تحديد
أهم عناصر العقد
01- وجود إتفاق: المقصود بالإتفاق هو إتخاذ وجهة نظر أشخاص تجاه أمر معين إذ لا بد من وجود شخصين مستقلين عن بعضهما البعض و هذا العنصر هو الذي يمكننا من التمييز بين العقد و التصرف من جانب واحد كالوصية أو الوعد بجائزة. كما يجب أن يكون أطراف العقد متساوين قانونيا و تكون لهم مصالح متباينة ( تعارض المصالح لا يعني وجود نزاع – كمصلحة البائع و مصلحة المشتري - )، كما أنه يعد تطابق الإرادتين معيارا للعقد و هو عنصره الأساسي.
02- إنشاء آثار قانونية: فالغرض من العقد هو إحداث آثار قانونية أي غايته هي إيجاد وضع جديد يرتب حقوقا و واجبات لم يكتسبها و لم يتحملها المتعاقدين من قبل أو ينهي حقوق أو واجبات سابقة. و إذا لم يهدف الإتفاق الى إحداث مثل هذه الآثار فلا يعد عقدا (كدعوة شخص لحضور مأدبة عشاء – هنا الإستجابة للدعوة تكون من باب المجاملة فقط -). فالإتفاق لا بد أن يغير في الوضعية القانونية للمتعاقدين ( كالبائع الذي يصبح دائنا لثمن المبيع و المدين مدينا بدفع الثمن).
و نشير أيضا أن الأثار القانونية تختلف بإختلاف العقود، و قد تتعدى هذه الآثار مجرد إكتساب الحقوق و تحمل الإلتزامات – فعقد الشركة مثلا يترتب عليه إنشاء الشخصية المعنوية للشركة وفقا للمادة 417 ق م ج.
أقسام العقود
هناك تقسيمان للعقود : تقسيم من وضع المشرع، و تقسيم في وضع الفقه.
أولا: تقسيم المشرع:
إعتمد المشرع في تقسيم العقود على التقنين الفرنسي الذي يميزين:
- العقد الملزم لجانبين، و العقد الملزم لجانب واحد - و العقد المحدد و العقد الإجمالي – عقد المعاوضه و عقد التبرع.
1- العقود الملزم لجانبين و العقد الملزم لجانب واحد:
حسب المادة 55 ق م العقد الملزم للجانبين هو ذلك العقد الذي ينشئ إلتزامات على كل من طرفيه، فيكون كل منهما دائنا و مدينا في نفس الوقت، مثال على ذلك عقد الإيجار و حيث يلتزم المؤجر بتمكين المستأجر من الإنتفاع بالعين المؤجرة و يلتزم المستأجر بدفع الأجرة.
وفقا للمادة 56 ق م العقد الملزم لجانب واحد هو ذلك العقد الذي ينشئ التزامات على جانب واحد مثال على ذلك عقد الوديعة.
فالذي يميز العقد الملزم لجانبين عن العقد الملزم لجانب واحد هو ذلك التقابل في الإلتزامات الذي يترتب عن العقد الملزم لجانبين دون العقد الملزم لجانب واحد و يترتب على ذلك:
- في حالة قيام أحد أطراف العقد الملزم لجانبين بتنفيذ التزامه التعاقدي كان للطرف الآخر طلب الفسخ و هذا ما لا يوجد في العقد الملزم لجانب واحد.
- يعتبر إلتزام أحد الطرفين في العقد الملزم لجانبين سبب التزام الطرف الأخر هذا ما لا يوجد في العقد الملزم لجانب واحد.
- يحق لأحد الطرفين في العقد الملزم لجانبين الدفع بعدم التنفيذ إذا لم ينفذ الطرف الآخر التزامه و هذا غير ممكن في العقود الملزمة لجانب واحد.
2- العقد المحدد و العقد الإحتمالي:
*- تعرض المشرع الجزائري للعقد المحدد المدة في الفقرة الأولى من المادة 57 ق م ج " يكون العقد تبادليا متى إلتزم أحد الطرفين بمنح، أو فعل شيء يعتبر معادلا لما يمنح، أو يفعل له… الخ ". و يخلط هذا التعريف بين العقد المحدد و العقد التبادلي " الملزم لجانبين ".
فالعبرة في العقد المحدد هي بعلم كل متعاقد وقت التعاقد بالمقدار الذي يعطيه و المقدار الذي يأخذه بمقتضى هذا العقد.
و عليه فالعقد المحدد هو العقد الذي يكون فيه التزامات و حقوق المتعاقدين معنية و محددة وقت الإبرام ( كعقد البيع الذي لا ينعقد ما لم يكن المبيع و الثمن محددين ).
*- و يكون العقد إحتماليا حسب ما ورد في المادة 57 / 2 ق م: " إذا كان الشيء المعادل محتويا على حظ ربح أو خسارة لكل واحد من الطرفين، على حسب حدث غير محقق، فإن العقد يعتبر عقد غرر" فعنصر الإحتمال يعد عنصرا جوهريا فيه و إذا حدث و أن وقع لأحد المتعاقدين في العقد الإحتمالي غبن فإن هذا الغبن لا يعطي من وقع فيه شيئا. ذلك لأن العقد الإحتمالي يقوم عادة على غبن يتحمله المتعاقدان.
3- عقد المعاوضة و عقد التبرع:
*- عرف المشرع عقد المعاوضة في المادة 58 ق م:" العقد بعوض هو الذي يلزم كل واحد من الطرفين إعطاء أو فعل شيء ما ".
و عليه عقد المعاوضة يمكننا تعريفه بأنه: ذلك العقد الذي يتحصل فيه المتعاقد على فائدة ذات قيمة مالية مقابل تنفيذ إلتزامه، بحيث لا يفتقر عند تنفيذ ما إلتزم به – فالبائع – مثلا – لا يفتقر لأنه يتحصل على الثمن الذي يعوض ثمن المبيع.
*- أما عقد التبرع فيكون تبرعيا إذا إلتزم المتعاقد بمنح شيء أو القيام بفعل دون الحصول على مقابل ذي قيمة مالية، حيث يلتزم المدين إتجاه الدائن قصد التبرع مثال العارية المجانية – عقد الهبة.
و تظهر أهمية التمييز بين عقود المعاوضة و عقود بالتبرع لإعتبارات عديدة أهمها:
- الغلط في الشخص يؤثر على صحة عقد التبرع لأن شخصيته تكون – عادة – محل إعتبار على عكس عقود الأذعان.
- تكون مسؤولية المتبرع أخف من مسؤولية المعاوض ( أنظر المادة 592 ق م ج بخصوص مسؤولية المودع لديه).
أركان العقد
أركان العقد ثلاثة : التراضي، المحل، و السبب
أولا: التراضي:
يقصد بالتراضي إتجاه الإرادة الى إحداث الآثار القانونية المطلوبة و هذا ما نصت عليه المادة 59 من ق م ج " يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتيهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية " و من هذا النص يتضح لنا أن العقد لا ينعقد إلا بتوافر رضى طرفيه، بحيث يتبادل كل طرف فيه قبوله مع الطرف الآخر إذن يسبق إنعقاد العقد التعبير عن الإرادة.
1- التعبير عن الإرادة :
و يتم التعبير عن الإرادة باللفظ أو الكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا كما يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا و هذا تطبيقا للمادة 60 ق م ج. من هذا النص يتضح لنا أن التعبير عن الإرادة إما يكون تعبيرا صريحا أو تعبيرا ضمنيا ما لم يكن القانون أو الطرفان قد إتفقا على خلاف ذلك.
1-1- التعبير الصريح: وفق المادة 60 ق م ج فإن التعبير الصريح قد يكون لفظا أو كتابة و قد يكون بالإشارة التي لها دلالة في عرف المجتمع. و يعني ذلك عن طريق الكلام الذي يدل دلالة واضحة عن إرادة الشخص و عما تتجه إليه. و يجوز التعبير عن الإرادة عن طريق الإشارة المتداولة عرفا، و هذه الطريقة تكثر لدى الأشخاص الذين لا يستطعون الكلام " الأخرس " و هذا لا يمنع أن يكون التعبير عن الإرادة بالإشارة بين الناس القادرين طالما كانت الإشارة متداولة عرفا " كهز الرأس عموديا " دلالة على القبول.
كما يمكن أن يكون التعبير صريحا بإتخاذ موقف لا يدع شك في دلالته على مقصود صاحبه كالتاجر الذي يعرض بضاعته للجمهور مع بيان أثمانها.
1 –2- الوقت الذي ينتج التعبير عن الإرادة أثره القانوني: وفقا لنص المادة (61 ق م ج ) فإن التعبير عن الإرادة ينتج آثره من الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه، و يعتبر وصول التعبير قرينة على العلم ما لم يقع الدليل على عكس ذلك.
2- كيفية توافق إرادة أطراف العقد:
لقد قلنا أن العقد عبارة عن إتفاق بين شخصين أو أكثر، و ذلك عن طريق إقتران الإيجاب و القبول الصادرين من المتعاقدين، فإقتران الإيجاب و القبول، يكون في مجلس واحد أو يتم في غير مجلس.
تسمى الحالة الأولى حالة التعاقد في مجلس واحد و تسمى الحالة الثانية حالة التعاقد بين غائبين حيث لا يجمعهما مجلس واحد.
2-1- التعاقد في مجلس واحد:
ذكر مصطلح " مجلس العقد " في نص المادة 64 ق م ج. و يقصد به، المكان الذي يجمع كلا المتعاقدين بحيث يسمع كل منهما الآخر و يجوز أن يكون هذا المجلس فعليا ( عن طريق الهاتف بحيث يسمع كل واحد الآخر) و إذا صدر الإيجاب في المجلس … لا يشترط أن يصدر القبول مباشرة شريطة أن يبقى كل من المتعاقدين منشغلا بالعقد.
فالإيجاب … هو التعبير عن الإرادة البات المقترن بقصد الإرتباط بالتعاقد الذي ينصب عليه، إذا لحقه قبول مطابق له. و إذا إقترن الإيجاب بمدة زمنية في إنتظار صدور القبول من الطرف الآخر يكون الموجب ملزما به وفق المادة 63 ق م ج ، أما إذا لم يكن مقترنا كان بإمكان الموجب التحلل منه إذا لم يصدر القبول فورا.
- أما القبول فهو يصدر عادة من الشخص الموجب له، أي الذي صدر الإيجاب، و يجب أن يصدر القبول قبل سقوط الإيجاب… و إلا إعتبر القبول إيجابا جديدا ينتظر قبولا من الطرف الآخر و القبول بإعتباره تعبيرا عن الإرادة لابد أن يكون ما يدل عن وجوده صراحة أو ضمنيا. لكن هل يمكن أن نعتبر أن السكوت الذي لم يقترن بإتخاذ موقف قبولا ؟.
القاعدة العامة أن السكوت لا يمكن إعتباره قبولا لأنه لا يدل لا على القبول و لا على الرفض. و مع ذلك فإن المادة 68 ق م
3- شروط صحة التراضي:
قدمنا فيما سبق أن العقد يتم بتبادل طرفي العقد التعبير عن الإرادة و لكن هذه الإرادة لكي تكون منتجة لآثارها القانونية لا بد أ، تكون صادرة من شخص ذي أهلية و ألا تكون إرادته قد وقعت بعيب من عيوب الإرادة فوجودهما ضروري لصحة التراضي الذي يعد ركنا في العقد، و يترتب على تخلفه بطلان العقد بطلانا مطلقا.
إذن صحة التراضي تقتضي منا دراسة كل من : الأهلية ثم عيوب الإرادة: الغلط – التدليس – الإكراه – الإستغلال.
3-1: الأهلية:
أ)- أنواع الأهلية: الأهلية هي صلاحية الشخص لكسب الحقوق و تحمل الإلتزامات و مباشرة التصرفات القانونية و عليه فالأهلية نوعان:
1- أهلية وجوب:
و هي صلاحية الشخص لكسب الحقوق و تحمل الإلتزامات. و هي تثبت للإنسان منذ أن يرى النور.
2- أهلية الآداء:
هي صلاحية الشخص لمباشرة التصرفات القانونية و مناطها التمييز أي الإدراك على هذا الأساس يمكن التمييز بين أربع مراحل يمر بها الإنسان خلال حياته.
و هذا النوع من الأهلية لا تثبت لكل شخص كما هو بالنسبة لأهلية الوجوب فهي ترتبط مع قدرة الإنسان على إبرام التصرفات القانونية له و لغيره.
- الجنين: و هو يملك أهلية وجوب ناقصة و ليس له أهلية أداء.
*- الصبي الغير المميز: و هي تبدأ من مرحلة الولادة الى سن 16 سنة، فالشخص خلالها يكون فاقد التمييز و عليه فأهلية الأداء معدومة لديه المادة 42 ق م ج.
*- الصبي ناقص التممييز: و هي تبدأ من بلوغ الشخص 16 سنة حتى اليوم قبل الأخير من سنه 19 و هو يسمى بسن التميز و هنا تكون للشخص أهلية أداء ناقصة، المادة 43 ق م ج، و ما تكون للشخص سوى أهلية الإعتناء و إبرام التصرفات التي تعود عليه بالنفع، أما التصرفات الواقعة بين النفع و الضرر فهي قابلة للإبطال لصالحه.
*- البالغ الرشيد: و هي بلوغ الشخص سن 19 سنة كاملة و هي مرحلة التمييز تطبيقا للمادة 40 ق م ج و هذا الحكم نص عليه قانون الأسرة في المادة 86 ق م ج منه. هذا إذا لم يعترض أهليته عارض من عوارض الأهلية كالجنون و العته و السفه و الغفلة.
ب)- عوارض الأهلية:
يقصد بعوارض الأهلية الأمور التي تدرك البالغ الرشيد فتؤدي الى إعدام أهليته أو إنقاصها و هي تنقسم الى قسمين عوارض تصيب العقل ( الجنون ، العته) و عوارض تصيب الإنسان السفه.
1- العوارض التي تصيب العقل:
- الجنون: و هو كل إضطراب يصيب العقل فيعدم صاحبه الإدراك و التمييز.
- العته: يعرفه البعض بأنه حالة لا تصل الى حد الجنون لأنه لا يعدم الإدراك كليا إلا أن القانون المدني الجزائري و تطبيقا للمادتين ( 42 و 43 ق م ج ) إعتبر كل من الجنون و العته عاهة تلحق عقل الإنسان فتعدم فيه الإدراك و التميز.
2- العوارض التي تصيب الإنسان في تدبيره:
في الفقه و القانون " السفه " و السفيه هو كل من يبذر المال في غير محله، فهو كامل العقل لكنه مسرف في تدبير أمواله لذلك يعتبره القانون المدني ناقص الأهلية ( 34 ق م ج).
3-2 : العيوب التي تصيب الرضاء:
يقصد بعيوب الرضاء الأمور التي تلحق إرادة أحد المتعاقدين أو كلاهما فتؤدي الى إفساد رضاه و تنقسم الى أربعة عيوب تطبيقا للقانون المدني الجزائري و هي الغلط، التدليس،الإكراه و الإستغلال، تضمنتها المواد من 81 الى 90 ق م ج.
1- الغلط: يعرف الغلط بأنه إعتقاد خاطئ يقوم في ذهن المتعاقد يكون سببا في تعاقده مما يجعل العقد قابلا للإبطال. و هو الغلط الذي نص عنه المشرع الجزائري في المواد من 81 الى 85 ق م ج ، و لا بد من التفرقة بين الغلط الدافع أو الجوهري الذي يدفع المتعاقد الى الرضاء بالعقد و بين غير الدافع فالغلط الدافع الجوهري هو ذلك الغلط الذي لولاه لما إرتضى المتعاقد إبرام العقد و هو المقصود في وجهة نظر المشرع الجزائري.
شروط إبطال العقد بسبب الغلط:
تنص المادة 82 ق م ج " يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط " .
*- أن يكون الغلط جوهريا.
*- أن يصل الغلط بالمتعاقد الأخر.
الشرط الأول:
يكون الغلط جوهريا إذا بلغ حدا من الجسامة، بحيث يمتنع معه المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط. فالقانون يخضع مسألة جوهرية الغلط أو عدم عدم جوهرية الغلط الى الشخص الذي وقع في الغلط. و من إمثلة الغلط الجوهري:
- غلط في صفة جوهرية للشيء: إن الغلط في صفة الشيء يعتبر جوهريا إذا كان هو الدافع الرئيسي للتعاقد. مثال على ذلك أن يشتري شخص سيارة يعتقد أنها جديدة فيتضح له أنها مستعملة.
- الشرط الثاني:
غلط في شخص المتعاقد: و يكون الغلط في ذاتية المتعاقد أو في صفة من صفاته الجوهرية و هي تقع خاصة في العقود التي فيها الشخص المتعاقد محل إقبال مثال على ذلك العقود المبرمة مع الفنانين أو في عقود التبرع كأن يتبرع شخص لشخص آخر لذاته، فإن الغلط في ذات الشخص المتبرع له أو الغلط في صفته يكون معيبا للإرادة.
ملاحظة:
لقد نصت المادة ( 83 ق م ج) على الغلط في القانون بقولها: " يكون العقد قابلا للإبطال لغلط في القانون إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع طبقا للمادتين ( 81، 82 ق م ج ) ما لم يقضي القانون بغير ذلك " و الغلط في القانون يقع عندما يعتقد أحد الأشخاص حكم القانون على غير حقيقته.
2- التدليس:
التدليس هو إيهام الشخص بغير الحقيقة بالإلتجاء الى الحيلة و الخداع من أجل حمله على التعاقد أي إيقاع المتعاقد في غلط. و قد نص عليه القانون المدني في المادتين: 86 و 87 ق م ج.
عناصر التدليس: يتضمن التدليس عنصرين:
الشرط الأول: إستعمال طرق إحتيالة.
يقصد بذلك إستعمال أساليب الإحتيال و التغرير و التضليل كحالة تقديم شهادات مزورة أو الظهور بمظهر اليسر… الخ. و بهذا الشرط عبرت المادة 86 ق م ج/ 1 " إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين أو النائب عنه من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد" يتبين في هذه الفقرة أن الإحتيال الذي وقع في أحد المتعاقدين يجب أن يكون جسيما، فلا بد أن يكون الإحتيال الدافع الحقيقي للطرف المدلس عليه بإبرام التصرف.
و يجب أن يكون التدليس هو الدافع الى التعاقد هذا ما نصت عليه المادة 68 /01 ق م ج " يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيلة التي لجأ إليها المتعاقدان أو النائب عنه من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد".
و أن يتصل التدليس بالمتعاقد الآخر، و ينبغي أن تكون الطرق الإحتيالية صادرة من المتعاقد المدلس عليه و إذا صدر التدليس من
غير المتعاقدين فليس للمتعاقد المدلس عليه أن يطلب إبطال العقد ما لم يثبت أن المتعاقد
الشرط الثاني: إتصال الإكراه بالمتعاقد الأخر:
يجب أن يكون الإكراه متصلا بمن يتعاقد مع المكره، كما يكفي أن يكون المتعاقد عالما بالإكراه و في هذا المجال تقضي المادة 89 ق م ج بما يلي:" إذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين فليس للمكره ان يطلب إبطال العقد إلا إذا أثبت أن المتعاقد الأخر كلن يعلم أو كان من المفروض حتما ان يعلم بهذا الإكراه" و عليه فالقانون المدني الجزائري لا يسمح بإبطال العقد إلا إذا كان المتعاقد الأخر سيئ النية أي كان يعلم أو في إستطاعته أن يعلم به.
الشرط الثالث:
إستعمال وسائل للإكراه تهدد بخطر جسيم محدق لكي تتولد في نفس المكره الرهبة الدافعة للتعاقد و التي من شأنها أن تعيب إرادته، لا بد أن يستعمل المكره وسائل معينة تهدد المكره بخطر جسيم محدق الوقوع في جسمه أو ماله أو بأحد أقاربه أو شرفه. و هذه الوسائل قد تكون مادية ( كالضرب و الإيداء بأنواعه المختلفة). كما يمكن أن يكون الإكراه معنويا فيولد في نفس المكره رهبة و ألم.
فإن توافرت هذه الشروط الثلاثة فإنه يترتب عن الإكراه قابلية العقد للإبطال لمصلحة المتعاقد الذي وقع الإكراه عليه و له كذلك المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي يصيبه لأنه عمل غير مشروع.
4- الإستغلال:
نصت عليه المادة 90 ق م ج، الإستغلال هو أن يستغل شخص طيشا بينا أو هوى جامحا في شخص أخر كي يبرم تصرفا يؤدي الى غبنه غبنا فادحا مثال على ذلك أن يستغل أحد الخطيبين ميل الطرف الآخر إليه لإبرام عقد هبة لصالحه.
شروط الإستغلال:
من خلال تعرضنا للمادة 90 ق م ج تبين لنا الشروط الضرورية التي تؤدي الى وقوع المتعاقد في عيب الإستغلال و هي تتمثل في ما يلي:
الشرط الأول: عدم التعادل بين ما يحصل عليه المتعاقد و ما يلتزم به و نعني هنا :
ان يكون تفاوتا صارخا بين ما يأخذه المتعاقد و بين ما يعطيه و هو ما يعرف بالعنصر المادي و بمعنى أخر إختلال التعادل إختلالا فادحا بحيث تكون التزامات أحدهما أقل من التزامات الأخر بصورة كبيرة كأن يبيع شخص دار بمبلغ مليون دينار جزائري و كان ثمنها الحقيقي ثماني مائة ألف دينار، يكون التفاوت يسيرا و ليس فادحا هذا بعكس ما يشتري الدار بمليوني دينار. و هو ما يعرف بالغبن الجسيم.
و الغبن هو عدم التعادل بين ما يأخذه المتعاقد و ما يعطيه، و بمعنى أخر الخسارة التي تلحق أحد المتعاقدين و عليه فهو لا يتصور إلا في عقود المعاوضة.
إن المشرع الجزائري جعل الغبن المجرد عن الإستغلال عيبا من عيوب الإرادة في حالات معينة و هي الغبن في بيع العقار مما يزيد عن الخمس تطبيقا للمواد (358، 359 ق م ج ).
الشرط الثاني: إستغلال ضعف معين في المتعاقد المغبون لا يكفي أن يكون ثمة غبن و إنما يجب أن يكون ناتجا عن طيش بين أو هوى جامح و هو ما يعرف بالعنصر النفسي ما لاستغلال يتحقق بوسيلتين: الطيش و الهوى الجامح.
و يقصد بالطيش البين عدم الخبرة بالأمور مثال على ذلك أحد الورثة نقول أنه أصيب بطيش بين إذا باشر بيع أمواله بثمن بخس دون النظر الى العواقب، أما الهوى الجامح فهو الهوى القوى الذي يجعل الشخص يندفع دون تحكم كأن يتزوج رجل كبير بصبية في مقتبل العمر و يتعلق بها تعلقا يسلبه القدرة على الرفض خوفا من هجرتها له.
و عليه فإذا توافرت هذه الشرط يحق للطرف المغبون طلب إبطال التصرف بكافة الطرق سواء في عقود المعاوضة أو التبرع، و للقاضي أن يبطل العقد بطلب صاحب المصلحة.
ثانيا: المحل:
المراد بالمحل هو محل الإلتزام أي العملية القانونية التي إتفق المتعاقدان على تحقيقها و هو إما إعطاء شيء ما أو فعل شيء ما أو الإمتناع عن فعل شيء ما، و هو ما تضمنته المواد من 92 الى 96 ق م ج ، و على كل حال يجب توافر ثلاثة شروط في محل الإلتزام.
1- أن يكون ممكنا.
لا بد أن يكون محل الإلتزام ممكنا أي موجودا ، أو قابل للوجود مستقبلا و عليه فإن التعامل في الأشياء المستقبلية جائز في القانون المدني الجزائري لكنه غير جائز في أحكام الشريعة الإسلامية، و قد نص عليه القانون في المادة 92 / 01 منه، و كمثال على محل قابل للوجود بيع ثمار لم تنضج بعد و بيع كتاب لم يتم طبعه بعد، أما إذا كان مستحيلا IMPOSSIBLE ففي هذه الحالة يكون العقد باطلا بطلانا مطلقا.
2- أن يكون معينا أو قابل للتعيين.
فيجب أن يتم تعيين محل الإلتزام تعيينا يمنع الجهالة فيه مثال على ذلك بيع منزل معين يتطلب تحديد موقعه و حدوده و أوصافه و تنص المادة 94 ق م ج على ما يلي: " إذا لم يكن محل الإلتزام معينا بذاته وجب أن يكون معينا بنوعه و مقداره و إلا كان العقد باطلا " و التعيين بالنوع و المقدار يتعلق خصوصا بالاشياء المثلية كبيع كمية من القمح.
3- أن يكون مشروعا.
تنص المادة 96 ق م ج على ما يلي: " إذا كان محل الإلتزام مخالفا للنظام العام أو الأداب العامة كان العقد باطلا" يجب أن يكون محل الإلتزام مما يجوز التعامل به أي غير مخالف للنظام العام و الأداب العامة ORDRE PUBLIQUE ET LES BONNE MESURES و الأشياء التي لا يجوز التعامل فيها بحكم القانون مثل تحريم التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة و لو برضاه م 92 / 02 ق م ج و بيع المخدرات و الصور المخلة بالأداب العامة.
ثالثا: السبب:
السبب هو الغرض الذي يقصد الملتزم للوصول إليه من وراء قبوله تحمل الإلتزام ففي عقد البيع مثلا سبب تحمل البائع الإلتزام بنقل الملكية هو الحصول على الثمن و غرض المشتري هو الحصول على البضاعة أو حيازة العقار أو المنقول و عليه فالسبب هو الدافع الى التعاقد.
الشروط الواجب توافرها في السبب:
الشرط الأول: أن يكون موجودا فإذا قام شخص مثلا بتبرع دون وجود نية التبرع أي تحت إكراه كان العقد باطلا نظرا لإنعدام السبب.
الشرط الثاني: أن يكون صحيحا فإذا كان السبب موهوما أي غير صحيح كأن يتفق الموصى له على دفع مبلغ نقدي تنفيذا لهبة ثم يتضح أن الموصى قد رجع في وصيته فهنا العقد يبطل لعدم صحة السبب، و مثاله أيضا العقد الصوري عقد بيع يسترهبة، فهنا يتم إخفاء السبب الحقيقي و هو نية التبرع.
الشرط الثالث: أن يك
جيد
ردحذف