-->
3355121088047530
recent
أخبار ساخنة

تعريف الأحزاب السياسية

الخط
تعريف الأحزاب السياسية
 تتصف الأحزاب السياسية ، بأنها ظاهرة سياسية معقدة ومركبة ، لذلك يصعب إعطاء تعريف جامع ومانع بخصوصها ، وذلك لإختلاف الآراء الفقهية حولها ، ولهذا سنحاول في الفرع الأول دراسة مختلف بصفة عامة أي بإعتبارها مؤسسات سياسية لابد أن تقوم بعدد من المهام لا غنى عنها إتجاه المجتمع الذي تباشر فيه نشاطها .التعريف بالأحزاب السياسية الأحزاب السياسية، كأغلب الظواهر السياسية يمكن أن تكون لها مدلولات متعددة ولذلك لا يمكن تفهمها ودراستها إلا بدراسة كافة هذه الجوانب ،ولهذا في محاولتنا لتعريف الحزب السياسي يتعين علينا أن نبين الجوانب المختلفة التي يمكن النظر منها للأحزاب والتي تشمل ،النظرة التنظيمية بإعتبار أن التنظيم هو الذي يضفي على الحزب أهمية ،وهو الذي يمكن من تحقيق ما يرمي إليه من أهداف، كما يرى البعض،أن أهداف الحزب ،النابعة من الإيديولوجية التي يعتنقها هي العامل الحاسم في تعريف الحزب،وهناك رأي ثالث يقف عند وظائف الحزب،باعتبار أن وظائف الحزب هي أهم ما يمكن أن يميزه، ثم يتعين علينا إعطاء تعريف يجمع بين هذه الجوانب مع إعطاء العلائم المميزة للحزب1-المدلولات المختلفة للحزب السياسي:
قبل التطرق إلى هذه المدلولات يجب أن لا نخلط بين الأحزاب السياسية الحديثة ،وبين الأحزاب التي تحالفت ضد الرسول صلى الله عليه وسلم وحاربت الإسلام والمسلمين وارتبطت في الأذهان بالكفر وإنكار آخر الرسالات السماوية ،أولئك الذين قال الله تعالى بشأنهم "ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ،وصدق الله ورسوله .وما زادهم إلا إيمانا وتسليما   والحزب لغة هو جماعة من الناس يرتبطون برباط فكري أو نفعي معين ،او هم قوم تشاكلت قلوبهم وأعمالهم أو أراءهم .
أ- المدلول التنظيمي للحزب:
  و يعد هذا المدلول هو أقدم المدلولات التي استخدمها الفقه في محاولته لتعريف الأحزاب ،وذلك لأن نشأة الأحزاب كانت عبارة عن تنظيم لعملية الإنتخاب ،ولهذا فان مجمل التعاريف التي قال بها الفقهاء الآخذون بهذا المدلول عرفت الحزب باعتباره تنظيما .1-  حيث اعتبره روبار ميشال بأنه: "منظمة كبيرة وأوليقار شية ،تتميز بوجود موجهين في قمته غير قابلين للعزل، ويراقبون كل شيء في الحزب ويتخذون من مصالحهم كموجهين مصلحة عامة ويخلطون بين بقاء الحزب وأهدافه وأسباب وجوده" .2-  وكذلك الأستاذ موريس ديفرجيه الذي كتب يقول: "أن الحزب ليس جماعة واحدة ولكنه عبارة عن تجمع لعدد من الجماعات المتناثرة عبر اقليم الدولة ،كاللجان الحزبية ،والمندوبات ، وأقسام الحزب، والتجمعات المحلية، كل هذه "الجماعات" يربط فيما بينها الربط التنظيمي الذي يقوم على أجهزة الحزب المختلفة وهذا الإرتباط فيما بين الجماعات المختلفة ،يقوم على اساس تدريجي هرمي يصفه الأستاذ ديفرجيه على الوجه التالي :" يمكن القول دون  مبالغة أن التنظيم الحزبي ،يقوم على الوجه التالي : إن مناضلي الحزب قادته يتولون توجيه أعضائه والأعضاء بدورهم يقومون بتوجيه مؤيدي الحزب ،وهؤلاء الأخيرين يعملون على توجيه الناخبين ،وبذلك نرى أن التنظيم الحزبي يقوم على أساس من التدرج بين جماعته المختلفة لأن درجة المشاركة في التنظيم واحدة بالنسبة للكافة .3-  نفس المعنى يؤكده ماكس ويبر :" إن اصطلاح الحزب يستخدم للدلالة على علاقات تنظيمية  تقوم على أساس من الإنتماء الحر ، والهدف هو إعطاء رؤساء الحزب سلطة داخل الجماعة التنظيمية من أجل تحقيق هدف معين أو الحصول على مزايا عادية للأعضاء " 4-  كما عرفه فرونك سارف بأنه " هو منظمة أو بنية مكونة من ثلاثة عناصر، المنظمة في حد ذاتها بمعنى الحزب السياسي بحد ذاته ، والحزب في الحكومة إذ أن الحزب في الحكومة ما هو إلا إمتداد للحزب كمنظمة وذلك لتنفيذ برنامجه، والعنصر الأخير الحزب في الإنتخابات " .5-  عرف بعض الفقهاء الحزب بقولهم: " الحزب السياسي هو تنظيم إجتماعي يحاول أن يؤثر على الحكومة طبقا لبعض المبادئ العامة لأعضائه ".وعرفه البعض بأنه " نوع من التنظيم السياسي الذي يقبل ويشرك أعضاء جدد وينتخب القيادة من خلال عملية داخلية وبحل الجدل الداخلي ويتخذ القرارات حول السياسات الخارجية " [7].
ويتضح لنا من خلال هذه التعاريف، التأكيد على الجانب التنظيمي للحزب ، الذي يجعل من التنظيم العمود الفقري للحزب، وإهمال باقي المدلولات، هذا ما يجعل هذه التعاريف قاصرة ولم تشمل ظاهرة الأحزاب ككل، ومما يزيد من عدم صلاحية هذا المعيار، هو إختلاف أنصاره حول صورة هذا التنظيم فالبعض يؤكد على الطبيعة" الأوليقار شية " في داخل الحزب ، التي تقوم على تكوين دائرة داخلية مغلقة، تتولى بين يدها تنظيم شؤون الحزب وتتوارث فما بينها مراكز القيادة ، بينما يرى البعض الآخر، على العكس من ذلك، أن الحزب تنظيم " مفتوح " كوادره غير ثابتة، سواء في القمة أو على القاعدة ولا تنحصر السلطة فيه، في دائرة داخلية مغلقة، بل توزع السلطة على المستويات المختلفة المكونة للتنظيم الحزبي .
ب – المدلول الإيديولوجي للحزب :   ويركز الفريق الثاني من الفقهاء على المبادئ والأهداف التي يقوم بها الحزب .1-  فالفيلسوف بيرك يعرف الأحزاب على أنها " مجموعة ، منظمة من الناس إجتمعت من أجل العمل المشترك لتحقيق مصلحة الوطن ، عن طريق تحقيق الأهداف والمبادىء التي يعتنقونها ذلك أن الفيلسوف ينظر إلى السلطة نظرة مجردة ، بينما السياسي الذي هو فيلسوف  ولكن يخوض تجربة عملية ، يحاول إيجاد السبل الكفيلة بوضع أهدافه موضع التنفيذ " 2-    ويعرف ابراهيم شلبي الحزب على أنه: " تجمع عدد من السكان حول مجموعة معينة من الأفكار " 3-  وقال بشأنه عاصم أحمد عجيلة:" هو جماعة من الناس لهم نظام خاص وأهداف ومبادئ يلتفون حولها ويدفعون عنها ويسعون إلى تحقيقها عن طريق الوصول إلى السلطة أو الاشتراك فيها " 4-  ويعرفه جورج بيردو بأنه:" كل تجمع من الأشخاص الذين يؤمنون ببعض الأفكار السياسية ويعملون على انتصارها وتحقيقها وذلك بجمع أكبر عدد من المواطنين حولها والسعي للوصول إلى السلطة أو على الأقل التأثير على قرارات السلطة الحاكمة  ورغم أن تعريف الحزب بالنظر إلى الإيديولوجية التي يعتنقها والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها أمر هام وذلك لأن الإيديولوجية هي أحد مكونات الحزب السياسية وهي التي تمكن من معرفة اتجاهه السياسي ،إلا أنه يظل معيبا وذلك لتجاهله لجوانب أخرى من الأحزاب لا تقل أهمية عن الجانب الإيديولوجي، كما أن هناك بعض الأحزاب لا تعتنق إيديولوجية معينة.ج- المدلول الوظيفي للحزب:
   أما الفريق الثالث من الفقهاء ،فيميل إلى تعريف الحزب بالنظر إلى جملة الوظائف التي يقوم بها الحزب .ولعل أهم هذه الوظائف ،هي تولي الحكم لهذا عرفها الكثير على هذا الأساس .1-    فلأستاذ جون بونوا يعرف الحزب بقوله :"هو تجمع منظم بقصد المساهمة في تسيير المؤسسات و الوصول إلى السلطة السياسية العليا في الدولة لتطبيق برنامجه وتحقيق مصالح أعضائه .2-    كما عرفه الأستاذ ريمون ارون على أنه:"تنظيم دائم يظم مجموعة من الأفراد يعملون معا من أجل ممارسة السلطة نسواء ذلك العمل على تولي السلطة أو الاحتفاظ بها " 3-            وهو نفس المعنى الذي يؤكده بونيس"الحزب هو مجموعة من الناس تسعى إلى السيطرة بالوسائل المشروعة على جهاز الحكم" 4-            كما يؤكد SCHATT SCHNEIDER: "الحزب بالدرجة الأولى ،هو محاولة منظمة للوصول إلى الحكم، بحيث لا يمكن تعريف الحزب دون الإلتفات إلى هذا العامل ،فهذا العامل هو القاسم المشترك بين جميع الأحزاب .كما عرفه ماجد راغب الحلو بأنه :"جماعة منظمة من المواطنين تسعى بالطرق المشروعة إلى الوصول إلى مقاعد الحكم أو الدفاع عمن يتربع عليها .5-    ويعرفه سليمان محمد الطماوي بأنه:" جماعة متحدة من الأفراد ،تعمل بمختلف الوسائل الديمقراطية بهدف تنفيذ برنامج سياسي معين" .ورغم أهمية الجانب الوظيفي للحزب لكن لا يمكن الإرتكان إليه وحده في تعريف الحزب ،كما أن وظائف الأحزاب لا تقف على تولي الحكم فقط، بل هناك وظائف لا تقل أهمية عن هذه الوظيفة كتكوين الرأي العام ،والعمل على التقريب بين الحكام و المحكومين ،ولهذا فهذا التعريف فيه قصور ولا يمكن الأخذ به لوحده.2-محاولة إعطاء تعريف جامع للحزب وإبراز علائمهتناولنا في الصفحات السابقة المدلولات المختلفة، وأكدنا على عدم صلاحية أي واحد منها وحده لشمول ظاهرة الأحزاب في مجموعها ،ولهذا سنحاول فيما يأتي إعطاء تعريف يجمع جميع الجوانب المدروسة سابقا، وهو أن الحزب السياسي "هو مجموعة من الأفراد لهم إطار فكري وإيديولوجي معين منظمين في إطار تنظيمي معين داخل الدولة ،يسعون من خلاله إلى الوصول إلى السلطة وممارستها بطرق سلمية وديمقراطية ،من أجل تنفيذ إطارهم الفكري ووضعه موضع التطبيق معتمدين فيه على الدعم الشعبي لهم".ومن خلال هذا التعريف يتضح أن للحزب خمسة معايير أو عناصر أساسية تميزه عن غيره من التنظيمات وهي: الديمومة، والشمول، والسعي وراء السلطة ،والتدعيم الشعبي، وأخيرا المذهب السياسي :أ-الحزب هو تنظيم دائم:أي أن عمره يتجاوز عمر أعضائه الذين أنشئوه، حيث قد يستمر في الوجود ويدوم بعدهم، بحيث يكون هؤلاء الأعضاء همزة وصل لاستمرارالحزب في أداء دوره والبقاء في الساحة السياسية، وهذا ما يميزه عن الفرق العرضية التي تنشأ لغرض معين ثم تنتهي .  ب- الحزب هو تنظيم وطني:أي أنه لا ينحصر، على منطقة معينة، بل يربط بين المستوى المحلي و المستوى الوطني، وتكون هناك علاقات بين القمة والقاعدة المنتشرة عبر التراب الوطني عن طريق الخلايا و القسمات واللجان والفدراليات الجهوية.... الخ. وهذا حتى يكون همزة وصل بين القاعدة والقمة، وبهذا يتميز عن اللجان المحلية .ج-السعي للوصول إلى السلطة:فالهدف الأساسي من إنشاء الحزب هو النضال من أجل الوصول إلى سدة الحكم ومباشرته، سواء بصفة منفردة، أو بالاشتراك مع أحزاب أخرى ،عكس الجماعات الضاغطة والنقابات العمالية التي تكتفي بالدفاع عن مصالح فئات اجتماعية معينة ،دون الهدف إلى اعتلاء السلطة .د- الحصول على الدعم الشعبيوبرنامجه بشكل سلمي، وعن طريق الاقتناع ،وقد يكون هذا الدعم من المنضمين إلى الحزب وأعضائه أو من القوى الشعبية، أو من الجماعات الضاغطة.هــ- المذهب السياسي:فلا بد أن يكون للحزب مذهب سياسي يسعى لإعلائه وتطبيقه ،وأن يكون له برنامج يعبر عن أفكاره ويتميز على برامج غيره من الأحزاب ،ويشتمل على أغراض سياسية ،وإقتصادية واجتماعية وثقافية تعبر عن الأهداف التي يسعى الحزب لتحقيقها وعن التغيرات المراد إقامتها في النظام القائم إذا كانت السلطة من نصيبه.ورغم أن هذه الميزات الخمسة تعتبر أهم خصائص الحزب السياسي إلا أنها غير دائمة التحقق ،       
وذلك لأن من الأحزاب ما تنشا وتنقرض في وقت قصير ،ومنها أيضا الأحزاب المحلية كما في انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية ،كمن أن من الأحزاب من يعتنق سياسات عامة وسطحية بعيدا عن المبادئ والإيديولوجيات المذهبية .دستور 1989، حيث نصت على أن حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به ولكن لا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات العامة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقلال البلاد وسيادة الشعب .وقد جاء لتجسيد هذه المادة القانون  رقم89-11 المؤرخ في 05 يوليو 1989 المتعلق بالجمعيات ذات الطابع السياسي، ونص في مادته على مايلي:" تستهدف الجمعية ذات الطابع السياسي في إطار أحكام المادة 40 من الدستور جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي إبتغاء هدف لا يدر ربحا وسعيا للمشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية سهلة."كما جاء نص المادة 42 من دستور 1996 على تكوين الأحزاب السياسية في زيها الجديد "حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به ومضمون ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية والقيم والمكونات الأساسية للهوية الوطنية، والوحدة الوطنية وأمن التراب الوطني وسلامته، واستقلال البلاد، وسيادة الشعب، وكذا الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة .وفي ظل إحترام أحكام هذا الدستور ،لا يجوز تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي .ولا يجوز للأحزاب السياسية اللجوء إلى الدعاية الحزبية التي تقوم على العناصر المبينة في الفقرة السابقة .يحظر على الأحزاب السياسية كل شكل من أشكال التبعية للمصالح أو الجهات الأجنبية لا يجوز أن يلجا حزب سياسي إلى إستعمال العنف أو الإكراه مهما كانت طبيعتهما أو شكلهما تحدد التزامات وواجبات أخرى بموجب القانون".وجاء القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية رقم: 97-09 المؤرخ في: 6مارس 1997 لتبيين هذا الزي الجديد للأحزاب السياسية ونص في مادته على مايلي:" يهدف الحزب السياسي في إطار أحكام المادة 42 من الدستور إلى المشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية من خلال جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي دون ابتغاء هدف يدر ربحا".ويتبين من خلال نص كلا المادتين السابقتين أن الحزب السياسي حسب وجهة نظر المشرع الجزائري هو "جمع أو تجمع من المواطنين الجزائريين حول برنامج سياسي معين بهدف المشاركة في الحياة السياسية بما في ذلك الوصول إلى السلطة وممارستها وذلك بوسائل ديمقراطية وسلمية ،ودون ابتغاء هدف يدر ربحا ".والملاحظ أن المشروع في نصه على الأحزاب السياسية أخذ بالخصائص المذكورة سابقا ، خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار أن في كلا القانونين قد منع المشرع في نص المادة 5 قيام أي حزب في تأسيسه وفي عمله على قاعدة أو أهداف تتضمن الممارسات الطائفية و الجهوية و الإقطاعية  و المحسوبية  وهذا ما يؤكد الطابع الوطني للحزب السياسي .

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

نموذج الاتصال
الاسمبريد إلكترونيرسالة