وزراة التربية الإسلامية
الموسوعة التعليمية
السنة الثالثة ثانوي
الموسوعة التعليمية
السنة الثالثة ثانوي
تحضير درس حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة في مادة العلوم الإسلامية للسنة الثالثة ثانوي
إن قدر
الإنسان في ظل الإسلام رفيع، ذلك أنه يحمل بين جنبيه نفخة من روح الله تعالى،
وأسجد له ملائكته، فأصبح متميزا على أكثر المخلوقات، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ
خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾
[الإسراء:7]، فكان جديرا بالحياة والتكريم للسيادة في الكون الكبير،
حيث حماه الإسلام بتعاليمه الخالدة من
أن يُحرَم من الحقوق المقررة له منذ الأزل في مختلف المجالات؛ بغض النظر عن جنسه
ودينه ولونه.
أ-
لغة: جمع "حق" يقال: حق الشيء إذا وجب، وهو
خلاف الباطل، ويطلق في اللغة على عدة معانٍ، منها: الأمر الواجب، والموجود الثابت،
والحق من أسماء الله تعالى.
ب- اصطلاحا: هي الإقرار
بما ثبت للإنسان بمقتضى القيمة والكرامة الأصيلة فيه.
ومن أهم هذه الحقوق ما يلي:
-
الحق في الحياة: وهو أول وأقدس حق للإنسان في الإسلام؛ إذ لا
يجوز لأحد أن يسلبه هذا الحق، بل يعتبر الاعتداء على النفس البشرية الواحدة قتلا للبشرية كلها، قال
تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ
كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ
أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ
أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة:32]، ولذلك شرع من الأحكام والحدود ما تصان به النفس البشرية.
-
الحق في الحرية: وهي أهلية
الإنسان لتحمل الالتزامات والتمتع بالحقوق، وهي قيمة كبرى في الإسلام، تسمو
بالإنسان في حياته المادية والروحية، لتحقيق غايات نبيلة وسامية، تتفق مع كرامة
الإنسان ورسالته في الأرض. فلا يجوز لأحد استرقاقه أو الحد من حريته المشروعة أو
تقييدها أو إذلاله وإهانته، وفي ذلك قال الفاروق
: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا». ولكن ليست في نفس الوقت انفلاتا مما في الإسلام
من قواعد السلوك الاجتماعي أو الخلقي، الذي يحفظ للمجتمع مصالحه وتماسكه، فالحق في
الحرية، هو وسيلة كبرى، وصمام الأمن للمجتمعات كلها، وهي الوسيلة
الفريدة لمحاربة ما يقع من أخطاء ومن مظالم.
-
الحق في الأمن: فللإنسان
الحق أن يأمن على نفسه، فلا يعذب أو يحبس دون وجه حق، وعلى عرضه فلا يدنس، وعلى ماله
فلا يؤخذ منه إلا بالحق. والإسلام الذي شرع من الأحكام ما يحفظ به الجنين في بطن
أمه أحرص عليه بعد أن يخرج إلى الوجود، فنعمة الأمن نعمة ماسة بالإنسان، عظيمة الوقع في
حسه، متعلقة بحرصه على نفسه، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ
رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ
الْأَصْنَامَ}﴾ [إبراهيم:
35].
-
حرية التنقل: فللإنسان
الحق أن يسعي طلبا لرزقه أو بحثا عن أمنه وحفظا لحياته، وتخلصا من
الظلم والقهر، بل يجب عليه ذلك حماية لحياته وصيانة لحريته وإلا جاءه
الوعيد، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ
تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ
قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ
اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا﴾ [النساء:97]، ومن ذلك هجرة الصحابة إلى الحبشة،
وهجرة النبي
إلى المدينة، وهو ما
يعرف بالحق في اللجوء السياسي في العصر الحديث.
الحق في حرية
المعتقد: جعل الإسلام قضية الإيمان من عدمه مرتبطة بالاقتناع الداخلي المبني
على الإرادة الحرة، قال سبحانه: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ
وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]. ولَفَتَ القرآنُ نظر النبي
إلى هذه الحقيقة، وبَيَّنَ له أن عليه تبليغ
الدعوة فقط، قال: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ
مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر﴾ [الغاشية: 22]، ولذلك فمن مقررات الإسلام أن لا يُكرَه أحد على الدخول فيه أو الخروج من دينه،
قال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ
قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة: 256] وهي قاعدة لم يعرفها الغرب إلا في -
العصر الحديث، بل إن الإسلام يضمن لمن في كنفه من غير
المسلمين أن يمارسوا شعائرهم وطقوسهم بكل حرية، ففي فتح
مكة لم يُجْبِرِ الرسول
قريشًا على اعتناق
الإسلام، ولكنه قال لهم: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ» [فتح
الباري]، وعلى دربه أمَّن الخليفة عمر بن الخطاب
أهل إيليا
«على حياتهم وكنائسهم وصلبانهم، لا
يُضَارُّ أحدٌ منهم ولا يرغم بسبب دينه» [العهدة العمرية].
-
حرية الرأي والفكر: إن للفرد في الإسلام أن يبدي رأيه دون أن يضارَّ أو يضام، يقول
الفاروق عمر
: «لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير
فينا إن لم نقبلها» [ابن شيبة]. لكن دون المساس بمقدسات الإسلام أو النيل منه التي تعتبر خطوطا
حمراء لحرية الرأي.
أما بالنسبة لحرية الفكر فقد أكدها القرآن تأكيدا في مواضع
كثيرة جدا منها قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى
وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾
[سبأ:
46]، ذلك إن الإسلام يريد إنساناً مبدعاً، وما لم تكن هناك حرية للفكر فلا
يمكن أن تتولد عملية الإبداع.
حق التعلم: ليس التعلم في الإسلام حقًّا فحسب، بل «طلبُ
العلم فريضة على كل مسلم» [الترمذي وغيره]؛ كما قال عليه الصلاة والسلام، وذلك لمحاربة الجهل والأميـة، وتنميـة الفكـر وتطـويره
وتجسـيده على أرض الـواقع، قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق:1]، ليسمو على غيره، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر:9].
إرسال تعليق